ان هو الا وحي يُوحى



مرحبا ايها الأصدقاء

هذه مقالتي الجديده

ان هو الا وحي يُوحى 
 نشرت
07:03:00, 02.02.2010

هل الوحي معيار سليم لحقيقه الادعاء الديني؟

الا يخبرك حدسك احياناً و انت في صفوف الانتظار في احد المطارات بأن احد الكاونترات سيمشي اسرع وذلك لأن ضابط الجوازات في ذلك الكاونتر يمرر المسافرين بسرعة اكبر من الذي جنبه، فتقفز الصف و تغيره ليصبح ابطء كاونتر و كل الناس الذين كانوا خلفك في طابورك الذي تركته قد مرّوا وسبقوك.


يحدث لي ذلك كل مره في السوبرماركت، يوم امس قررت بحدسي اختيار الطابور الاقصر، ولكن الزبون الذي امامي قرر فجأة ان يدفع قيمة علبة من العلكه ومجله ببطاقة إئتمان..وظلت المرأه على الكاشير تحاول و بكل بطء مع البطاقه، ثم تعطلت ماكينة الدفع و انتظرنا حضور المسؤول ثم قامت و بكل عنايه و بسرعة السلحفاه بلف كل من العلكه و المجله بعنايه و وضع كل منهما في كيس خاص..بينما كانت الطوابير الاخرى تمشي بسرعه، وانا متأكد لو إنني غيرت و قفزت الى احد تلك الطوابير ..فقد يظهر زبون يريد ان يدفع لعلبة معجون طماطم واحده بواسطة خطاب إعتماد مصرفي مصدّق من البنك الدولي. قلت لموظفة الكاشير الهنديه عندما جاء دوري هل من الممكن ان ادفع بشيكات سياحيه بالتومان الايراني؟..لم تفهم الاخت النكته.


تشغل فكرة "الوحي" حيزاً مهما بين ادلة الإيمان الديني، في الواقع ان الوحي هو المعيار الاساسي للحقيقه الذي يبني عليه المؤمن حجته و قناعته بوجود رب الرمال.

يعرّف الاسلام الوحي بأنه:
"كلمة اللّه جلّ اسمه التي يلقيها إلى أنبيائه و رسله بسماع كلام اللّه جَلَّ جَلالُه دونما رؤية اللّه سبحانه مثل تكليمه موسى بن عمران ، أو بنزول ملاك يشاهده الرّسول و يسمعه مثل تبليغ جبرائيل لخاتم الأنبياء ( صلعم) ، أو بالرؤيا في المنام مثل رؤيا إبراهيم ( ابو الخرفان) في المنام أنه يذبح ابنه إسماعيل ، أو بأنواع أخرى لا يبلغ إدراكها ."

المصدر مركز الاشعاع الاسلامي- موقع.

اما المسيحيه فتعرفه : انه عقيدة و ايمان تؤكد على ان الاصل الهي للكتاب المقدس هو من الله و لم يكتبه البشر بأهوائهم. لذا ترد في الانجيل دائما عبارة " هكذا تكلم الرب".

المصدر ويكيبيديا.



ان اقرب شيء للحدس هو الوحي. الفرق بينهما هو ان الحدس قد يكون مجهول المصدر وقد تتخذ قرارك بناء على "إحساس" بأن التصرف بطريقة معينه وبناء على ماتحس به مع انك لاتعرف من يأتيك هذا الحدس. الوحي محدد المصدر و يكون دائماً من مصدر معروف جيداً لأصحاب المجتمع كفكره. فيكون رب الرمال او الله او يسوع سبايدرمان او احد الاشباح و العفاريت و الملائكه السحريه التي تشتغل عندهم.

الوحي تعريفه الحقيقي خارج الأديان السحريه هو ان يدعي شخص واحد تلقي رسالة من السماء و يطالب بقية افراد مجتمعه بتصديق هذا الادعاء و في كل هذه الحالات تقريباً يكون هذا الادعاء ذو طبيعة دينيه.

الحدس يكون شخصياً يعود لإحساس الشخص نفسه بينما الوحي يعبر عن فكرة تعتقد بها المجموعه كلها. مثلا لايمكن للإله فيشنو الهندوسي ان يوحي بشيء لعربي مثل صلعم كما لايقدر رب الرمال كذلك ان يوحي لراهب في التيبت بفن الكونغ فو. الوحي يأتي من مصدر اجتماعي مشترك ضمن نطاق المجموعه الثقافي والتاريخي.


لسوء حظ هؤلاء الذين يعتمدون على فكرة الوحي و نزوله من السماء فهو مُعرض لنفس النقد الذي يتعرض له الحدس الشخصي.

إن كان الحدس الشخصي لايعتبر معياراً نثبت به الحقيقه، فكذلك لايقف الوحي مهما كان مصدره الهلامي امام الأدله و الأثباتات العينيه الماديه كحقيقه. انت و انا لانستطيع ان نذهب لنشهد امام القاضي بأن فلان مجرم ونتوقع من القاضي قبول فكرة ان حدسنا الشخصي يقول لنا ذلك..فلماذا نقبل صدق رواية احد يقول لنا ان " وحياً" نزل عليه من السماء؟

الوحي لا يمكن الأعتماد عليه لأنه لايكون موجوداً او متوفراً لك عندما تريد اتخاذ قرار ما. هل انتظر ان يقول لي الوحي مثلاً " يابن اذهب الى الطابور رقم ثلاثه فهو سيكون الاسرع" في الواقع ان هناك إنتقاد اكثر خطورة لفكرة الوحي يجعل منه حجة واهية ضعيفه و انه حتى لو إفترضنا في المقام الأول ان الوحي يأتي من مصدر الهي، فكيف نثبت ان المصدر نفسه موجود، ولو قبلنا بذلك، فكيف نثبت بأن هذا المصدر هو من يرسل الوحي وليس غيره ، ولو إفترضنا ايضاً ان ذلك ممكن.. فكيف نتأكد ان الوحي نزل على هذا الانسان بالذات من دون غيره. انها سلسلة من التساؤلات المبنيه على ثلاثة افتراضات كلها مشكوك فيها جدا.

بناء على ذلك لايمكن للعاقل ان يصدق بصحة إدعاء لأنه " "مُوحى" من فوق. إذا كان الوحي احد المعايير المحتمله للحقيقه فلابد من فحصه و اختباره للتأكد منه.. اليس كذلك؟ المشكله ان الوحي كدليل لايرقى الى ان يعتبر معيارا ، فنحن لانستطيع تطبيق هذا المعيار على الافكار التي لدينا لنعرف ايها صح و ايها غلط، انه غير قابل للتطبيق و الاستخدام..ربما يجب ان نبحث عن الحقيقه في مكان اخر.

الغريب ان الوضع مقلوب، فالناس تنظر الى دينها للتحقق من صحة المعتقد و قبوله على اساس انه الحقيقه. اي استخدام الأيمان للتمييز بين ماهو صحيح و ماهو ليس كذلك. ولكن الأيمان ليس معياراً للحقيقه، انه موقف او طريقة للحياة فقط، الايمان ليس دليلا بحد ذاته. و هنا يأتي المؤمن ليقول ان هذا الوحي صحيح لأنني اؤمن به و اؤمن ان مصدره الهي و اؤمن ان الرساله من المصدر الصحيح و اؤمن ان مدعيها صادق..ماهذا الهراء؟ لايمكن ان اقول ان هذا صحيح فقط لانني اؤمن به، هذا اشبه باستخدام حدسي الشخصي امام القاضي لشهادتي.او إختيار طابور الجمعيه الاسرع.

اخوتي و اخواتي قد يقول قائل ان الإيمان القوي هبة من الله، ولكن درجة قوة الأيمان لاتجعله دليلا بحد ذاته و يبقى موقفاً حياتيا شخصياً. و هذا يقودنا الى ان الإيمان مثله مثل الوحي مثله مثل الحدس هي اشياء شخصيه لايمكن التصديق بها تلقائياً بدون دليل المنطق و العقل و الدليل المادي.



إذاً الأيمان القوي والراسخ بصدق رسالة الوحي و صدق إدعاء صاحبها.. ليس بدليل كاف على صدق الادعاء الديني.


بن كريشان





Hotmail: Trusted email with Microsoft's powerful SPAM protection. Sign up now.